يعد سباق 1500 متر، من بين أكثر السباقات المنتظرة من طرف جماهير ألعاب القوى، والذي ينتمي إلى فعاليات المسافات المتوسطة. يركز سباق 1500 متر على التكتيك أكثر من القوة الجسمانية والتحمل، إذ تعد الدورة الأخيرة من السباق من بين أكثر المشاهد تشويقا وجمالية في عالم ألعاب القوى. نجد سباق 1500 متر رجال حاضرا منذ أول نسخة للألعاب الأولمبية الصيفية، والتي أقيمت سنة 1896 في مدينة أثينا باليونان. من المعلوم أن الدول المهيمنة في سباقات 1500 متر أغلبها من القارة السمراء، سواء من قبل العداءات أوالعدائين، وبالتحديد دولة المغرب، الجزائر، كينيا، إذ نجد في السنوات الأخيرة بأن أغلب المتنافسين في سباقات 1500 متر رجال من دول أفريقية. قبل التعرف على جميع الفائزين بسباق 1500 متر رجال في الألعاب الأولمبية، سنقوم أولا بإضافة بعض المعلومات المهمة المتعلقة بالموضوع.
ألعاب القوى والألعاب الأولمبية
تنقسم ألعاب القوى بشكل عام إلى مجموعة من الألعاب الرياضية (الرمي، القفز، العدو…)، وأغلب منافساتها تقام داخل الملعب داخل الصالات، أو في الهواء الطلق، وهناك منافسات تقام خارج الملعب (المارتون، سباق المشي…). من بين أشهر المنافسات الدولية لألعاب القوى نجد بطولة العالم لألعاب القوى، بطولة العالم لألعاب القوى داخل الصالات، أما عن أكثرها شهرة وأهمية فهي الألعاب الأولمبية التي تم البدأ في تنظيمها منذ سنة 1896، والتي تنضم مرة واحدة كل 4 سنوات.
إنطلقت الألعاب الأولمبية الحديثة سنة 1896، وهي أحداث رياضية دولية تشمل كل من الألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية، عقدت أول دورة أولمبية صيفية سنة 1896 في مدينة أثينا باليونان، أما بالنسبة للألعاب الأولمبية الشتوية فكانت أول دورة لها سنة 1924 في مدينة شاموني الفرنسية، وكما هو واضح من التسمية، فإن الألعاب الشتوية تكون محصورة في منافسات التزلج التي لها علاقة بالجليد، وتبقى المنافسات الصيفية هي الأكثر شعبية، والتي من ضمنها نجد سباق 1500 متر رجال الذي ينتمي إلى سباقات المسافات المتوسطة.
المسافات المتوسطة
تتوسط سباقات المسافات المتوسطة كل من المسافات القصيرة والطويلة، إذ تبتدأ من مسافة 800 متر والتي هي ضعف أعلى سباق من المسافات القصيرة (400 متر)، وتنتهي في مسافة 3000 متر، أما بالنسبة للمسافات الطويلة فهي تبتدأ من 3000 متر فما فوق. تعتمد سباقات المسافات المتوسطة مزيج من السرعة وقوة التحمل والتكتيك، إذ نجد بأن بداية السباق ونهايته يمتاز بالسرعة الشديدة، أما وسط السباق فيمتاز بالتكتيك والذكاء.
مسافة 1500 متر
يعد سباق 1500 متر أهم حدث في مضمار المسافات المتوسطة في ألعاب القوى، والتي يقطعها المتسابقون في ثلاث دورات ونصف حول الملعب. تم إقامت سباق 1500 متر رجال منذ أول نسخة لبطولة العالم لألعاب القوى سنة 1883 في مدينة هلسنكي بفنلندا، أيضا كانت إنطلاقتها في الألعاب الأولمبية منذ أول نسخة سنة 1896 في مدينة أثينا باليونان. يعد سباق 1500 متر شبيه بسباق المايل (1609 متر) والذي يعد منافسة غير أولمبية. على عكس سباقات المسافات القصيرة الذي يمتاز أبطالها بعضلاتهم المفتولة والضخمة نسبيا، فإن أجسام عدائي مسافة 1500 متر يمتازون بالرشاقة والخفة.
أشهر أبطال سباق 1500 متر رجال
يتربع العداء هشام الكروج على عرش سباق 1500 متر وبدون أي منازع، إذ يعتبر ملك سباق 1500 متر، لقد قام بتحطيم الرقم القياسي في سباق 1500 سنة 1998 في روما بتوقيت 3:26:00، والذي لم يستطع أحد تحطيمه بعد أزيد من 24 سنة، وأيضا هو محطم الرقم القياسي في بطولة العالم لألعاب القوى سنة 1999 بتوقيت 3:27.65.
تمكن هشام الكروج من تحطيم الرقم القياسي لسباق المايل وسباق 2000 متر (تمكن العداء النرويجي جاكوب إنجبريجتسين من تحطيم الرقم القياسي لمسافة 2000 متر سنة 2023)، وكذلك له ميداليات في سباق 3000 متر وسباق 5000 متر. ومع أنه فاز فقط مرة واحدة بالميدالية الأولمبية لسباق 1500 متر سنة 2004 في مدينة أثينا باليونان، إلى أنه كان على وشك الفوز في كل من أولمبياد أتلانتا سنة 1996 حيث تسبب له سوء حظه في السقوط، وكذلك في أولمبياد سيدني سنة 2000، حيث إحتل المرتبة الثانية (الميدالية الفضية).
نجد كذلك كل من الجزائري الأسطورة نور الدين مرسلي الذي فاز بالميدالية الذهبية في أولمبياد أتلانتا سنة 1996، أيضا نجد البطل المغربي سعيد عويطة، والبطل الجزائري توفيق مخلوفي، والذي يعد أخر عربي لحدود الآن يفوز بالميدالية الذهبية في الأولمبياد، وذلك في أولمبياد لندن 2012.
تطور الرقم القياسي لسباق 1500 متر رجال
لم يتم تحطيم الرقم القياسي لسباق 1500 متر رجال في الألعاب الأولمبية، إذ تم تحطيمه في بطولة العيد الذهبي (غالا الذهبية) سنة 1998 في مدينة روما بإيطاليا. في نهاية القرن 19 كان الرقم القياسي لسباق 1500 متر يتجاوز 4 دقائق، في بداية القرن العشرين وبالتحديد سنة 1908 إستطاع العداء هارولد ويلسون كسر حاجز الأربع دقائق بتوقيت 3:59.8.
تم الاعتراف بأول رقم قياسي عالمي في سباق 1500 متر رجال في ألعاب القوى سنة 1912، وذلك من قبل الاتحاد الدولي لألعاب القوى للهواة، المعروف حاليا بإسم الاتحاد الدولي لألعاب القوى، إذ عرف سباق 1500 متر أزيد من 38 رقما قياسيا عالميا رسميا منذ سنة 1912.
يعد العداء الأمريكي أبيل كيفيات حامل أول رقم قياسي عالمي في سباق 1500 متر بتوقيت 3:55.8، في سنة 1930 تم كسر حاجز 3 دقائق و50 ثانية من طرف العداء الفرنسي جول لادوميج بتوقيت 3:49.2، في سنة 1957 تم كسر حاجز 3 دقائق و 40 ثانية من طرف العداء التشيكوسلوفاكي ستانيسلاف جورجوش بتوقيت 3:38.1، لاحقا تمكن العداء البريطاني ستيف أوفيت من كسر حاجز 3 دقائق و 30 ثانية بتوقيت 3:29.67، وأخيرا سنة 1998 قام الأسطورة هشام الكروج بتحطيم الرقم القياسي في سباق 1500 متر بتوقيت 3:26.00.
فهل يتمكن عداء في المستقبل من كسر حاجز 3 دقائق 20 ثانية أو على الأقل تحطيم رقم هشام الكروج؟، نذكر هنا بأن الرقم القياسي لبطولة العالم لألعاب القوى لم يحطم منذ سنة 1999 بتوقيت 3:27.65 (هشام الكروج)، وبالنسبة لرقم القياسي الأولمبي لمسافة 1500 متر فتم تحطيمه سنة 2021 في أولمبياد طوكيو 2020 من طرف العداء جاكوب إنجبريجتسين بتوقيت 3:28.32.
الدول المهيمنة على سباق 1500 متر رجال في الألعاب الأولمبية
في كل المنافسات الرياضية نجد بأن هناك دول أو مجموعة من الدول تهيمن على نوع رياضي معين، فبالنسبة لسباق 1500 متر رجال، في بادئ الأمر كانت الدول المهيمنة على سباق 1500 في الأولمبياد تتمحور في كل من بريطانيا والولاياة المتحدة الأمريكية ونيوزيلندا وفينلاندا، وذلك إلى غاية سنة 1968.
في الألعاب الأولمبية الصيفية التي أقيمت في مدينة مكسيكو المكسيكية، إستطاع العداء الأفريقي الكيني كيبتشوج كينو بالفوز بالميدالية الذهبية، بعد ذلك أصبح العديد من العدائين الأفارقة يسيطرون على سباق 1500 رجال، إذ منذ سنة 1996 كانت سيطرة أفريقية وخصوصا من دول شمال أفريقيا (كينيا، الجزائر، المغرب)، لكن منذ أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، عاد الغرب (الولاياة المتحدة الأمريكية، النرويج) للسيطرة على هذه المسافة.
إلغاء أو تأجيل أو مقاطعة الأولمبيات الصيفية
في العديد من الفترات الزمنية لم يتم تنظيم سباق 1500 متر رجال فيها، وذلك راجع بالأساس لعدم تنظيم الدورة الأولمبية بشكل نهائي أو تأجيلها. تم إلغاء دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لسنة 1916 بسبب الحرب العالمية الأولى، والتي كانت ستنظم في مدينة برلين بألمانيا، وذلك بعد مرور 20 سنة على أول منافسة للأولمبياد الصيفية التي أقيمت سنة 1896.
في سنة 1940، وبسبب الحرب العامية الثانية، تم إلغاء دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي كانت ستقام في مدينة طوكيو باليابان، ليتم برمجتها لتقام في مدينة هلسنكي بفنلدنا، لكن تم إلغاء الدورة بشكل كلي، في سنة 1944 كانت ستقام الدورة في مدينة لندن ببريطانيا، لكن تم تأجيلها إلى غاية سنة 1948 في مدينة لندن ببريطانيا، وذلك أيضا بسبب الحرب العالمية الثانية.
في سنة 1980 وفي خضم الحرب الباردة والصراع بين الغرب والشرق (وهي الفترة التي كان فيها توتر وصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي)، والتي دامت من سنة 1947 إلى غاية سنة 1991. تم إستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية لسنة 1980 في مدينة موسكو بالاتحاد السوفياتي، قامت العديد من الدول بمقاطعة هذه الدورة، وهناك بعض الدول التي شاركت تحت العلم المحايد للألعاب الأولمبية، وهناك دول شاركت بشكل طبيعي.
في سنة 2019 ظهرت جائحة فيروس كورونا، والتي أدت إلى مقتل ملايين الأشخاص، وبهذا فقد تم تأجيل دورة طوكيو للألعاب الأولمبية الصيفية لسنة 2020 إلى سنة 2021، لكن مع الإحتفاظ بنفس الإسم أوليمبياد طوكيو 2020، ولقد تم إستضافتها ولا تزال جائحة كورونا مستمرة. وإستطاع العداء جاكوب إنجبريجتسين الفوز بسباق 1500 متر رجال، وأيضا تحطيم الرقم القياسي الأولمبي بتوقيت 3:28.32.