مراحل الحرب العالمية الثانية

اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939 وانتهت في 1945، وكانت من أفظع صراعات التاريخ، إذ شاركت فيها معظم دول العالم. بدأ الصراع بسبب التوسع العسكري الألماني في أوروبا، وسرعان ما تحول إلى حرب شاملة شملت معارك برية وبحرية وجوية عبر القارات. أدت الحرب إلى تغير موازين القوى العالمية، فبرزت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كقوتين عظميين، وتقسمت ألمانيا وتبدلت الحدود السياسية. كما خلفت الحرب آثارًا اقتصادية ضخمة، وأسست لقيام الأمم المتحدة بهدف منع تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل. وأودت هذه الحرب بحياة عشرات الملايين من المدنيين والعسكريين، تاركةً وراءها دمارًا هائلًا شمل مدنًا كاملة وبنى تحتية منهارة.

غزو بولندا وبداية الحرب العالمية الثانية (1939)

في 1 سبتمبر 1939، بدأت الحرب العالمية الثانية بغزو ألمانيا النازية لبولندا. هذا الهجوم كان بمثابة الفتيل الذي أشعل الصراع بين القوى الأوروبية الكبرى. ألمانيا، تحت قيادة أدولف هتلر، اتبعت سياسة توسعية عدوانية في أوروبا، وعبرت الحدود البولندية دون إعلان حرب. وكان هذا الهجوم بمثابة كسر للاتفاقيات الدولية وخرق للسلام القائم في ذلك الوقت. لم يتأخر رد الحلفاء، إذ أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا في 3 سبتمبر 1939. بداية الحرب جاءت نتيجة تزايد التوترات في أوروبا بعد معاهدة فرساي لعام 1919 التي فرضت عقوبات قاسية على ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى.

التوسع الألماني في أوروبا (1940-1941)

مع بداية عام 1940، بدأت ألمانيا في تنفيذ هجوماتها العسكرية على عدة دول أوروبية. في مايو من نفس العام، شن الجيش الألماني هجومًا ضخمًا على فرنسا عبر بلجيكا، وهو ما أدى إلى سقوط باريس في يونيو 1940. نتيجة لذلك، بدأت الحكومة الفرنسية الجديدة في التفاوض مع ألمانيا، بينما كان الوضع في بريطانيا صعبًا. في هذه المرحلة، اندلعت معركة بريطانيا التي كانت بمثابة حرب جوية بين سلاح الجو الملكي البريطاني وسلاح الجو النازي الألماني. ورغم الهجمات الجوية المستمرة، فإن بريطانيا نجحت في الصمود بفضل تفوقها التكتيكي في الدفاع الجوي.

الهجوم على الاتحاد السوفيتي (1941)

في 22 يونيو 1941، شن الجيش النازي عملية “بارباروسا” ضد الاتحاد السوفيتي، بهدف تدميره واحتلال أراضيه الغنية بالموارد. كانت واحدة من أكبر الهجمات البرية في التاريخ، واستهدفت مناطق استراتيجية مثل أوكرانيا وروسيا. لم يتوقع هتلر مقاومة قوية، لكن الجيش السوفيتي تمكن من صد الهجوم واستعادة أراضٍ بعد انتصاره في معركة موسكو. شكلت تلك المعركة نقطة تحول حاسمة، إذ بدأت المقاومة السوفيتية المنظمة، وتحولت الحرب إلى صراع طويل ودامٍ على الجبهة الشرقية، مع تكبد كلا الطرفين خسائر فادحة.

دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية (1941)

قبل عام 1941، كان الأمريكيون قد تبنوا سياسة العزلة، لكن الهجوم الياباني على بيرل هاربر في 7 ديسمبر 1941 غير كل شيء. هذا الهجوم المدمر جعل الولايات المتحدة تدخل الحرب العالمية الثانية بشكل مباشر. بينما كان الحلفاء يقاتلون في أوروبا، أعلنت الولايات المتحدة الحرب على اليابان، لتبدأ في وقت لاحق في دعم الحلفاء في محاربة ألمانيا أيضًا. خلال هذه الفترة، بدأت الولايات المتحدة في تطوير قدرات صناعية ضخمة تساهم بشكل كبير في تزويد الحلفاء بالموارد العسكرية الضرورية. كذلك، قام الأمريكيون بتنظيم حملات عسكرية في المحيط الهادئ ضد اليابانيين.

معركة العلمين (1942)

كانت معركة العلمين في شمال أفريقيا واحدة من أبرز المعارك في الحرب العالمية الثانية. في عام 1942، خاضت قوات المحور بقيادة الجنرال إرفين رومل وقوات الحلفاء التي شملت القوات البريطانية معركة حاسمة ضد القوات النازية. انتهت المعركة بانتصار كبير للحلفاء، مما أدى إلى وقف التوسع الألماني في شمال أفريقيا. كما كانت هذه المعركة نقطة تحول استراتيجية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث مهدت الطريق لتحرير إيطاليا في وقت لاحق من الحرب. شكلت هذه الهزيمة أيضًا بداية تراجع القوة الألمانية في المنطقة، ومقدمةً لتحقيق النصر في معركة ستالينغراد لاحقًا.

اقرأ أيضًا: مراحل الحرب العالمية الأولى

الحرب في المحيط الهادئ (1941-1945)

بينما كانت أوروبا مركز الصراع الرئيسي، كان المحيط الهادئ أيضًا ساحة معركة رئيسية بين اليابان من جهة والحلفاء من جهة أخرى. هاجم اليابانيون العديد من الدول في المنطقة، بما في ذلك الصين والفلبين، وكان هدفهم الرئيسي هو الهيمنة على المحيط الهادئ. بعد الهجوم على بيرل هاربر، بدأ الأمريكيون في شن عمليات عسكرية ضخمة ضد اليابان. معركة ميدواي في عام 1942 كانت بمثابة نقطة تحول كبيرة حيث دمرت القوة البحرية اليابانية بشكل غير مسبوق. هذه الهزيمة كانت بداية النهاية للإمبراطورية اليابانية، حيث بدأ الحلفاء في استعادة الأراضي التي كانت قد احتلتها. مع مرور الوقت، سيطرت القوات الأمريكية على معظم المحيط الهادئ، مما ساعد في تقليص هيمنة اليابان العسكرية في المنطقة.

إطلاق الحملة الجوية ضد ألمانيا (1943-1944)

في هذه المرحلة من الحرب، بدأت القوات الجوية الأمريكية والبريطانية في شن حملات جوية مكثفة ضد الأراضي الألمانية. كانت الهجمات الجوية تهدف إلى تدمير صناعة الأسلحة الألمانية والمنشآت العسكرية، بالإضافة إلى شل قدرة الجيش الألماني على الاستمرار في القتال. كانت الأضرار التي ألحقها القصف الجوي هائلة، بما في ذلك تدمير المدن الكبرى مثل هامبورغ ودريسدن. وفي هذا السياق، بدأت معركة الأطلسي أيضًا تتصاعد بين القوات البحرية الألمانية وحلفاء بريطانيا وأمريكا. كما أن الحملة الجوية ضد ألمانيا كانت بمثابة اختبار حاسم للتفوق التكنولوجي في الحرب، حيث بدأ الحلفاء في استخدام طائرات متقدمة تقنيًا لتحقيق التفوق الجوي.

نهاية الحرب في أوروبا (1945)

بحلول عام 1945، كان الجيش الأحمر يقترب من قلب ألمانيا، فيما شن الحلفاء هجماتهم من الغرب على الأراضي الألمانية. في 30 أبريل، انتحر هتلر في برلين، معلنًا اقتراب نهاية الحرب في أوروبا. وفي 8 مايو، استسلمت القوات الألمانية رسميًا بعد سنوات طويلة من الدمار والمعاناة. كانت أوروبا مدمرة بالكامل، لكن الحلفاء بدأوا التفكير في إعادة إعمارها وتقسيم ألمانيا إلى مناطق نفوذ واحتلال. ومع نهاية الحرب عسكريًا، بدأ صراع سياسي جديد بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، عرف بالحرب الباردة، فقسم العالم إلى معسكرين متنافسين، وشرعت القوى العظمى في رسم خارطة النفوذ العالمية للمرحلة التالية.

القنبلة النووية في اليابان (1945)

بعد نهاية الحرب في أوروبا، واصل الحلفاء قتالهم ضد اليابان. في 6 أغسطس 1945، قامت الولايات المتحدة بإلقاء أول قنبلة نووية على مدينة هيروشيما، وفي 9 أغسطس، تم قصف مدينة ناغازاكي بالقنبلة نفسها. كانت هذه الهجمات النووية بمثابة رسالة للعالم بأسره حول القوة المدمرة للسلاح النووي. بعد أسبوع من القصف، أعلنت اليابان استسلامها في 15 أغسطس 1945، منهية بذلك الحرب العالمية الثانية رسميًا. هذا القرار فرض تغييرات جذرية في التوازنات العسكرية العالمية، وأدى إلى بدء عصر الأسلحة النووية، الذي سيحدد لاحقًا الكثير من السياسات الدولية في الحقبة التالية.

التأثيرات العالمية للحرب العالمية الثانية

كانت الحرب العالمية الثانية بمثابة بداية لتحولات جذرية في النظام الدولي. أسفرت عن تغييرات في القوى العالمية وأدت إلى قيام الأمم المتحدة بهدف منع نشوب حروب مشابهة في المستقبل. كما تزامن مع صعود الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كقوى عظمى جديدة، مما أسفر عن بداية الحرب الباردة. إعادة بناء أوروبا وتحديد مناطق النفوذ كانا من أبرز القضايا التي طرحت على طاولة المفاوضات بين الحلفاء. كما تم تأسيس العديد من المنظمات الدولية بهدف تنظيم العلاقات بين الدول، ما ساعد في تشكيل النظام العالمي الحديث. الحرب تركت أيضًا أثرًا نفسيًا عميقًا على الشعوب، حيث كانت نهاية تلك الصراعات بداية لحقبة جديدة من الاستقرار النسبي، لكنها كانت أيضًا فترة مليئة بالتحديات السياسية والاقتصادية.